سامي سونين عضو فعال
عدد المساهمات : 57 تاريخ التسجيل : 27/11/2009 العمر : 47
| موضوع: هل نحن عِبـــادٌ أم... عبيـــــــــــــــد ؟ الثلاثاء ديسمبر 08, 2009 12:25 pm | |
| الحمد لله وكفى والصلاّة والسّلام على محمّدٍ المُصطفى وعلى آله وصحبه الأبرار الشُرفا..........
أمّا بعد... إخوتي وأخواتي في الله :
إنَّ المتتبع لسياق الآيات القرآنية يجد أنَّ المولى عزّ وجل إذا أراد أن يثني على خلقِهِ سمّاهم عباداً، وإن أراد أن يذكرهم بسوء أفعالهم سمّاهم عبيداً،،،،
فقال في الثناء: وَعِبَادُ الرَّحْمَ?نِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) الفرقان وقال في التوبيخ: ذَ?لِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)آل عمران
فلم يقل وعبيد الرحمن، ولم يقل وإن الله ليس بظلام للعباد؛
فما هو الفرق بين العبيد والعباد؟
العبيد جمع عبد، وكلنا لله عبد. أما العباد فهو جمع عابد، والعبد هو من خضع لله اضطرارا وجبراً، وهنا فكل مخلوق لله عبد؛ المؤمن، والكافر، والتقي، والشقي، والإنس، والجن، والحجر، والشجر، والجبال، والطير؛ كلهم لله عبيد، وكل ميسر لما خلق له.
أما العباد فهو جمع عابد، وهنا فإنَّ معنى الإرادة ظاهر في الاختيار، ولا يكون العابد عابداً إلا حين يختار بنفسه طريق العبادة لله عز وجل، ويقبل على طاعته.
ومما زادني فخراً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيّرت أحمد لي نبياً
والعباد قوم تذوقوا معنى العبادة حباً وشوقاً، والعبيد قوم ذاقوا ذل العبودية قهراً وجبراً، فلا سواء.
العبيد قوم يقودهم الخوف والخضوع، والعباد قوم تقودهم الأشواق والأذواق. العبيد مجبورون على ما هم عليه قهراً واضطراراً، والعباد قوم يختارون مقام العبادة حباً وكرامة.
ولعلماء الشريعة تفصيل جميل؛ فالعبادة الصحيحة رتبة عالية عند السالكين إلى الله تعالى، وهي أعلى مراتب الحب الاثنتي عشرة.... فالحب الذي يبدأ معرفة، ثم يكون ميلا، ثم يكون رغبة، ثم يكون هوى، ثم يصير حباً، ثم يترقى ليكون عشقاً، ثم يكون غراماً، ثم يكون هياماً، ثم يكون وجداً، ثم يكون كلفاً، ثم يكون ولهاً، ثم يرقي بعد ذلك، فإذا استوفى الغاية، صار عبادة؛ وهنا فقط ندرك معنى قول الله تعالى: وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإنْسَ إلّا لِيَعْبُدوُنِ.
والعابد لا يبلغ رتبة العبادة إلا على قنطرة الشوق والحب، تحمله إلى الله أشواقه ويتوضأ بمدامع الأشواق.
أما العبد فهو يصلي في الدنيا خوف أن يصلي على بلاط جهنم، وبالنسبة له فليس في رجاء الوصال ما يسعى إليه بل هو هارب من سياط الزبانية، ولم يتذوق معنى الحب والدفء والحنان.
أولئك العارفون كانت أشواقهم إلى الله هي مراكبهم التي يرحلون بها إليه، منذ أن قالوا إياك نعبد، إلى أن سمعوه يقول: طال شوقُ الأبرارِ إليَّ وأنا أشدُّ إليهم شوقاً....
اللهمَّ إجعلنا من عبادك الذين هُمْ أهل محبتك ورضوانك وجنتك ..وأرزقنا حُسن المُنقلب إليك في زمرة سيِّد العبّاد والأتقياء والأصفياء محمد وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين..،،
| |
|